اللامركزية في تونس: خطوات غير مكتملة ؟

تعتبر تجربــة الديمـقراطية المحـلية في تونس بمثابة المولــود برأسين كرأس الاله الرومـانــي جانــوس: الاول متجه الى الأمام سنقول عنه مجــازا بأنــه مفــعم بقيم المشـــاركة وحكــم القانون والثـاني متجــها الى الخلف حيــث التقالــيد المركــزية المشــطة ورواســب الماضي القــريــب والبعـــيد. وبـين لحظــات التقـــدم المتعثرة ولحظات الشد الى الوراء الى تقالـــيد المركـزية المشطة، تتراوح المواقـف والتقييمات والتى يمكن اختــصارها في التالي:

ثمة أولا, التقييمات الصادرة من منــطلق النتائــج المنجزة منذ أول انتخابات بلدية حرة (2018) :ذلك أن التفكير في اللامركزية في تونـس حسب البعض كان قد استنســخ الى حـــد كبير النموذج الليبرالي للديمقراطية المحـــلية من دون استكــمال البعد الجهوي التنموي. ومن ثم تظهـــر قـــراءة بصيغة ” نعم ولكـــن” من خلال ربط تقــييم التجربة بعدم اكتــمال المسار انطلاقا من “النمــذجة” القائمة للديمقـــراطية المحــلية ذات البعـــد الســيــــاسي الجــيد والاجتماعي الضعيف.

ثانيا: يوجد التقـــييم بحسب الوضع الاستثنائي المتولد عن تغيير السلطة في 25 جويلية 2021 ، هذا التغيير و الذي خلف مشـــكل اكـــبر في المجالس البلـــدية حتــى لو لم يقـــع تعليـــقها. ان جوهـــر العملية التقييـــمية يقــــوم هنا على العلاقــة مع السلطة المركزية العائدة بقوة من خلال دستور 2022 الذي لم يذكــر البــتة مفهوم اللامركزية. من ثم تقوم القــراءة التقييمـــية هنا على “النســـتالجيا” واعتـــبار تجربة اللامركزية على عثراتها مكسبا مهــما ضمن بلــــد يعاني من رواسب مركزية تاريخية.

ثالثا: هناك أيضا تقييم بحسب استراتيجــــيات الفاعــــــــلين السياسيــــين: حيث يلاحــــظ البعض تركيز المترشحين على الانتخابــــات البلــــدية عندما انطلقت بصفتها اختبار مسبق للانتخــــابات التشريعــــية (أو عمــــلية بيضـــــاء للانتخابات التشريــــعية) وليس لتنـــفيذ البرامج.التى تعود بالنفع على المجتــــمع المحـلي. ويستدل على ذلك بضعــف اليات اتخاذ القرار داخـــل المجالس البلدية نتيــجة للتحــالفات السياسية والاستـــقالات وكذلك لضـــعف الحوافز المادية للفاعـــلين لان التفــرغ للعمل البلدي (كنشاط بمقـــابل مادي) لا يشمل سوى رؤساء البـــلديات كما ان اعضاء المجالس البلـــدية ليست لهم منحة حضور مما برر العزوف عن الحضور فيها.

مخاوف الشد الى الوراء
ومن الناحــية الدستــــورية لم ينص الدستـــور التونسي الاول منــذ الاستقــــلال والصادر عام 1959 على مفــهــوم دقـيـــق لللّامـــركزية، كما لم تظهر في تونس أي تغيـــــيراتٍ جوهرية فيما يتعلــق بمطالب الحد من المركزية، حيث تمنح اللّامركزية الاستعـــــراضية والدعـــــائية المجــــالس البلـدية والجهوية مهمّــــة ممـــــارسة المصالح المحــــلّية، دون أي تفصيلاتٍ عملـــية. لقد كانت قـــــوائم المرشحين للمجـــالس البلدية قبل الانتخابــات تأتي مباشرة من وزارة الداخلية ، قبل أن تأت من مراكز قرار الحزب الحاكم نفســــه. لذلك اعتــبر التغيير الذي حصـــل بعد 2011 بمثابة الموجـــــة ذات الحـــــركـــة المزدوجــة: الاولى فيها كانت ذات نفـــس تحرري عبر عنها دسـور 2014 أما الثانية فلـــقد جاءت مع دستـــور 2022 تحت شعار التصحــيح، مثيرة أكثر من سؤال حول جدية المخاوف من القطع مع تجربة اللامــــركزية الناشئـــة. ويمكــن توصــــيف مكتسبــــات الموجات الدافعة للامركزيــــة من خلال التـأطير المؤســـسي الذي ينــص عليه الدستـــور وكذلك تطور مستوى المشــاركة ومستوى الرضى عن الخـدمات.

دستــور 2014
يؤكد دستور 2014 بشكل صريح على مبدأ وأليـــات اللامركزية. ويتكــــوّن البــــاب السابع من الدستـــــور بعنوان “الســـلطة المحلّية” (الفصول من 131 إلى 142)، بالإضافة إلى الفصلين 14 و 15. وتتمتع الجماعات المحلية وفقاً للفصـــل 132 من الدستور بالشخصية القانونـــية مما من شأنه أن يجعــــل منها كيـــاناً قانونــــــياً خاصّاً مستــقلا عن الدولة على جميع المستويات .فمثلا، تخضـــــــع الجــماعات المحـــــلّية لرقــــــابة لاحـقة بمقتـــضى الفصــــــل 138 من الدستـــــور وذلك خلافا للوضع السابـــق الذي كانت تتميز فيه الرقـــابة بصبغــــتها السابقة واللاحقة. وتمارس هذه الرقابة من قبل الوالي لأسباب تتعلق بالرقابة انطلاقاً من مبدأ وحدة الدولة؛ حيث تخضِع تلك الأخيرة الجماعات المحلّية إلى الرقابة كي لا تتحوّل استقلاليّتها إلى مصدر تهـــــديدٍ لوحدتها. لقد جعل الفصــــل 139 من دستور 2014 من آليّــــات الديمقراطية التشاركية مكـــوّناً أساسياًّ في تجربــة اللّامركزية في تونس. وينص الفصـــــل 139 في هذا الاطـــار على ما يلي: “تعتــمد الجمـــــاعات المحلــــية آليات الديمقـــــراطية التشــــاركية، ومبادئ الحوكــــمة المفتوحة، لضمان إسهامٍ أوسع للمواطنين والمجتمع المدنــي في إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيـــــذها طبقاً لما يضبطه القانون”.

كما يحــدد دستور 2014 في الفصل 131 ثلاثة مستوياتٍ من الجماعـــات المحـــلّية: البلدية والجهــــة والإقليـــــم. أن مبدأ التعمـــــيم الهيــــكلي للحكم المحلي على كامل تراب البلاد يعد تجـــــديد بالــــــغ الدلالة والاهمــــية. فهــو من ناحــية يساهم في التطوير المؤسسي للحكـــم المحــلي ، كما يساهم ايضا في ادماج مناطق مهمشة لم تكــــن تشهمــلها الهيكلة الفديمة من خلال بعث بلديات جديدة ( تغطي 30 بالمائة ) لم يكن بشــملها التمثيل البلدي. ومما لا شـــك فيه فان دواعي هذا التعميــم هي في تقديرنا اجتماعية وسياسية. لقد بينت العديد من الدراســـات المنجزة حول التهميـــش الاجتــماعي، كيف ان استبـــــعاد الناس عن الخدمات البلدية الدنيا يساهم في حد كبــــــير في تنــامي الشعـــــور بالحــــرمان والضيم المؤدي غالــــبا الى الهجــــرة الداخلية والخارجية، خصـــوصا منها الهجرة غير القانونية. أما البعد السيـــاسي من التعـميم فيعود أساسا الى الرغـبة في تشريك المنــــــاطق المهمشة ضمن استراتيجية حكم محلي يعطي للجهـات أولوية مطلقة العديد من المشـــــكلات نظرا لانعدام الموارد. فبالإضـافة إلى المشكلة المتــــعلّقة بالمالية، تعاني الجمــــــاعات المحلّية، وخاصة منها التى تم بعـــثها، من غياب الكفاءات المهنية؛ إذ لا تتعدّى نسبة الكوادر المؤهّلة 10% (المتوسّــط الوطنــي). ان اهم ميزة للتطويـــر المؤسسي للبلديات هي الاقــــرار بأهمية الرقـــابة وتوازن العــــلاقة مع السلطة المركزية، حيث ينـص الدستــور على مبـــــدأ الرقابة اللاحـــقة على القــرارات التي تتخذها الهياكل الجهوية، وهو وضع جديد مختلف مع أسلوب الرقابة السابــقة المعمول بها عملــيا الى اليوم. وبعـــيدا عن الهدف الاولي المتعلق بتطوير وتقريب الخدمــات، فانه يراهن هذا التجديد على تجاوز الرقابة المسبقة للإدارة المركزية. لقد كانت هذه الادارة المسبــــقة بمثابة القيد المفــــروض على الجماعات المحلية فيما يتصل اساسا باقـــــرار وبعث مشـاريع التنمية، بحيث كان القائـــمون علىالشأن المحـــلي، ينتـظرون اشهرا طويلة للموافــــقة على المشاريـــع. لقد كان مثــل هدا الوضــع هو أهم عامل سلــبي للمركـــزية في مجـــــال اعاقة التنمية المحلية.

في المقــــابل، تعـــتبر مسألة تحديد الصلاحيات من المسائل الجوهريـــــة التى تحـيل الى الحاجة الملــــــحة في تحديد العلاقة بالإدارة المركــزية. لقد بينت تجربة الاعـــــوام الاخيرة صعوبة التحديد ولاسيما:

أ- تحــديد الصلاحـــيات التي يمكن للدولة الاستغناء عنها

ب- تحديد التحــويلات المالية التي تقابــــلها والتي يمـــكن للدولة الاستغناء عنها.

ج- تخصيص مجلة الجماعات المحلية لباب تنظيمي فيما يتصل بعلاقة الإدارة المركزية واللامحورية

د- تحديد العلاقة من خلال العمـــــل على التكافؤ بين البلديـــــات: فمثلا تحـــــصل لوحــــدها، بلديات تونــــس العاصمـــة وصفاقس وسوسة وبنـــزرت وبن عـــروس وحلق الوادي عـــــلى 28% مــــن تحويـــلات صنــدوق القروض ومساعدة الجمــاعات المحلية CPSCL، وهو ما يعتبر مسا من مبدأ التكافؤ.

تصويت… ومشاركة
استفاد المؤســسون في بلورة نظــــرتهــــم الى مفهـــــوم الديمقــــراطية المحــــلية من الدروس المستخــــلصة للهزات التي مســـت منذ البــــــداية الديمقراطية التمثيلية الوليدة في تونــــس. ان الفكـــرة التى تقول بأن التصويت الانتخابي لا يكفي لضمان المشاركة عززها ودعمها لاحقا شــــرط ترشـــح المــــرأة والشبـــــاب وكــذلك المشاركة المفتوحة في أعمال المجالـس البلدية. ومن الناحية المؤسســية كانت هناك فرصة حقيقية من خلال تحيين الاطار الدستــــوري لما اصطلح على تسمــــــيته بالديمـــــقراطية المحلــــية القائـــــمة لا على التصويـــــت الانتخابي فحسب وانما ايضا علـى المشـــــاركة. فحسب بعــــــض المتوجسين خيفة من تشــرذم الدولة، فان ما كتب في دستور 2014 ربما قد يكون تضمـــــن جوانب من المغــــامرة غير المحــــسوبة، باعتبار واننا كنا نتحـــدث عن الحكم المحــــلي في مجتمع تخترقه الجهـــــــويات من كل جانب . وثمة في هذا الاحتراز او التحفظ جانب من الحــقيقة، كما تؤكده حالات حل بعض المجالس البلدية على خلفية صراعات وخلافات لها امتدادات في المصـــــــــالح الحـــــزبية أو الجهـــوية أو الشخـــصية أو الثلاث عوامــــــــل معا بشكل مشترك. الا أن ذلك لا يجب أن يحجب حقيــــقة أن القطـــاع الاعظم من تلك المجالس قد عمل بشـــــكل فيه الكثير من الجدوى رغم بروز ظاهرة عزوف المواطنين عن حضور فعاليات نلك المجالس.

الفرصة الثانية تتعلق بتطوير الثقافة الديمقراطية المحلية لدى المواطـــن: ان المقـــصود بالانتقال هنا هو المرور من الثقـــــــــافة الرعـــــــــــائية Subjective والثـــــــــــقـــافة الابرشــــــ،،،،ـية parochial الى ثقافة مدنــــــية Civic تكون البلدية فيها هي محور الانتماء والتنظم المحـــــلي. يستوجب التذكير هنا بالكــــــ88+سيس دي توكفيل والذي ربط في أكثر من مناسبة بين الديمــقراطية من ناحية واتســــاع الانتظارات وخيبات الامــل في وقت واحد. فطيلة الاعـــــوام الاخيرة كانت هنـــاك انتظـــارات عالية فيما يتعلق بالتفاعـــل الايجابي مع واجب الحضـــــور في الجلسات المفتوحة للمجــــــلس البلدي وواجبات دفع الاداءات وحفظ النظافة .كذلك كانت الانتظارات مرتفعة فيما يتعــــلق بتطور قناعة وممارسة المسؤولين من منتخبين واطـارات في تجسيد مبدأ التشاركــــــية في اتخــاذ القرار. وكما سيبدو من خـــلال الممــارسة فان اكراهات الواقع، بما في ذلك ضعف أداء بعض البلديـــــات وحل العـــديد من المجــــــالس لأسبــــاب تتصل بخلافـــات اداريـــــة وسياسية واحيانا شخصـية وعدم اكتمال مشروع اللامركـــــزية، جميعها عوامــــل تدفع الى تنســـيب مستوى الانتطارات تلك.الفرصة الثالثة تجســـــدت من خلال العمل على الحـــــد من نزعة المحاصـــصة الحزبــية للخدمة البلدية: لقد كان الهـــدف من خلال الوجــــــــود الملحـــوظ للمستقــــلين مثلا، يتمثل في تجنب الوقــــوع في فخ نزعة المحاصصات السيـــاسية والني كانت نتيجــــته الخـــــوف من امكانية تغليب المصالح الخاصة للأحزاب أو العصبــــــيات على المصلحة العامة. وسيؤدي حل المجالس التلقـــائي المتواصل منذ الانتخــــــابات البلدية الى تنامي ظاهرة المستقلين وغير المسيسين والذين حصلو غالبا على أبرز نتائـــج انتخـــــابات الاعادة. وبشــــكل عام يمـــكن تفسير تدنـــي نسب المشاركة في القرار البلدي من خلال عدد من المعطيات ومنها:

• أن نظــام الاقتـــراع (نظـــام التمثيــلية النســـــبية وأكبـــر البقـــــايا) كان قد أدى فــــعلا الى خـــلق مجـــــــالس بلدية متنوعة ديمقراطيا و لكن هذا التنوع كان قريــــبا من التشتت حيث أنه لا يضمن وجود اغلبية وهو ما يمثـــــل عنصــــر عدم استقرار.

• عدم الاستـــــقرار الوظيـفي وعدم الاعتـــــــــراف بمشاركة المرشحين في اعمال المجلس البلدي واعتباره عمل تطوعي. ان الملاحـــــظ في هذا الصدد بأنه تلعب التحفيزات دورا على غاية من الأهمية. ففي أي دولة من دول العــــــالم توجد منحة حضور للعمل التطـــوعي الا ان مجلس النـــــواب الذي نم حله سنة 2021 رفــــض هذه المنحة لأعضاء المجالس البلدية.

• الافتقاد الى القـدرة الانجازية لدى المترشــــحيـــــن، ذلك ان المرشح البلدي ليس له عرض سياسي قابل للتنفيذ، ذلك أن ميزانية المجالس البلدية (350 بلدية) لا تتجاوز %4 من ميزانية الدولة. وبســـــــبب محدودية ميزانية المجلس يجد الاعضاء انفســــهم غير قـــادرين على تنفيذ المشاريع و البرامج التي وعدوا بها المواطنين

المشاركة المجتمعية
رغم المخـــــاوف من مخاطـــر تحجيم العمل الجمعياتي اليوم فان عدد كبــــير من البلديات التونسية استفادت من تجارب المجتمع المدني اما في تطوير الاداء والعمــــل في البلدية او في الموارد المـــــــــالية التي وضعت على ذمتها من طرف الجمعيــــات. الى ذلك يمكن ان نضيف ما يلي :

أولا: أن مأخذ التوزيع الجغرافي للشراكة: غير متوازن حيث يتم التركيز على البلديات الكبيرة مقر الولاية لكــــــن نجد ايضا بلديات صغيرة استـــفادت من المجتـــمع المدني وساعدتهم في العمل اليومي.

ثانيا: أن قانــــون النفــــاذ الى المعلومة أعـــــطى الجمعيات شأنه شان البلـــدية الحق في النفاذ الى المعـــلومة وطلب المعلومات. هناك تحسن لكن لا يرتقي الى المطلوب .
على أن النقطة الاهم هنا هي العلاقة بين البلديات والقطاع الخاص. فمــن يريد الاستـــثمار غالبا لا يتجه الى رئيس البلدية لتخصيص ارض او محل كراء بل يتجـه للولايــــة لان بها قسم تنمية وتخطيــط. فعند تغيير المنظومة لم يقع تحويل قسم التنمية والتخــطيط من الولاية للبلدية.

ثالثا: ان اعوان البلـــــديات و الموظفين ليست لهم خبرة في البرامج الاقتـــــصادية و القطــــــاع الخاص. كما هنــاك حاجة الى تطوير النقاش حول ان المســـــــؤولية الاجتماعية للمؤسـسات ليـــست فقـــط للتشغيل بل لتحسين الخدمات البلدية (مؤســــــسات صحية ,طرقات) حتى تصبح الشراكة بين البـلـــــديات والقـــــطاع الخاص ناجـحــة.

رابعا وأخيرا: يمكــن ان نلاحـظ بأنه لا توجد أليــــات لتنفيذ الشراكات بين القطاع العام و القطاع الخاص PPP ، وبما أن القانون موجود لكن الاليات غير موجودة حاليا، فإن الشـــراكة تعترضها العديد من الصعوبات

فاقد الشئ لا يعطيه
تشبر نتائج البحث الميداني بأنه ثمة تغيرات على مستوى البنية والتجارب النمـــوذجية للشباك الموحــــــد والخدمات السريعة، إضافة إلى خدمات القرب المتـــــــوفرة وفضاءات المواطن. كما نشـــير أيضا الى تحسن ملحوظ فيـــــما يتعلق بالرقمــــنة. فمنـــــد 2014 بدا الحديــــــث رقمـــــــنة الادارة البلدية على أن رقمنة الادارة كمشروع في الدولة ، تعطل لأن الرقمنة لا تخص البلدية فقط بل العديد من الإدارات ولم يتم الدخــــول بشــــكل جدي في الرقمنة الادارية الا خلال العام 2022 وبشكــــل اختباري. على أنه وبشـــــكل عــــــام، ترتبط الخدمات المحـــــــلية بالموارد البشرية والمــــــادية ويؤثــث كلاهما لمعنــــى العدالة في مقابل قيمة الحــــــرية التى يضمنها الفعــــــــل الانتخابي. وبقدر ما يتزايد هــامش الحرية ترتفع وتيرة المطالبة بالعدالة وضرورة تحسين الخدمات. على أن ذلك يتجـــــــاوز السياسات بالمعنى الضيق ليشمل الموارد على وجه التحــــديد. ذلك انه اضافة الى تدنــــي مهــــارات التسيير لدى الكــــوادر البلدية، يمكن أن نلاحظ تدني الموارد المالية. لا تمتلك البلديات موارد لان مجلس النواب كان قد رفض المصادقة علي الفصــــل الذي يجبر الدولة تحـــــويل جزء من اموال الضرائب للبلـــــدية مثل معلوم الجـــــولان والاداء على القيمة المضــافة واداءات اخرى تابعة للدولة.

كما يعـــدّ الوضـــــع المــــالي للجمـــاعات المحلّية التونسية حرجاً للغاية. فالموارد المحلّية التي تحصّـــــلها من جبـــــاية الضرائب المختلــــــــفة (على العقارات المبنيّة والأراضي غير المبنيّة والمؤسّـــــــسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية والفنـــادق) ذات عائدٍ ضعيف، 12 كما ينــــــتج عنها تفــــاوتٌ في العــــــوائد بين الجماعات المحلّية المخـــتلفة. كذلك العائـــد الجبـــائي الذي تحصّله الجمـــــاعات المحلّية ضئيلٌ للغــــاية مقارنةً بالعائد الذي تحصّله السلطة المركزية. حيث أن مجــــــموع عوائـــــد البلديّات تمثّل حوالي 2.4% من العوائد الجبائية على المستوى الوطني؛ (مقابــــل 4.8% في المغرب، (في هذا الصدد نشير الى أن العـــــزوف عن دفـــع الضرائب المحلية سببه: اولا ان المواطن لا يرى فائدة من دفع الضرائب المحــــــــلية (القيمة التبادلية للضــــرائب) ثانيا أن وسائل الاستــــخلاص المحلية مختلفة عن وسائل الاستخلاص الوطنية حيث لا يمــكن تتبع الاستخـــــلاص الا عنـد القيام بخدمــــات بلدية مثل توقيع عقد بيع او كراء)…

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *